الجمعة، 29 يناير 2016

بحث في المرجعية وشروطها وصلاحيات المرجع وكيفية تنصيبه - السيد محمد حسن ترحيني العاملي



ملفات وقضايا

الاربعاء 26 أيار 1999 -ص 13 


العلامة ترحيني.. بحث في المرجعية 
يجيب العلامة السيد محمد حسن ترحيني في هذا البحث على اسئلة اربعة:
ـ الجهة الاولى: متى يمكن لانسان ان يتصدى للمرجعية?
ـ الجهة الثانية: كيفية تنصيبه مرجعا?
ـ الجهة الثالثة: ما هي صلاحيات المرجع?
الجهة الرابعة: كيفية عمل المرجع من خلال صلاحياته?
 الجهة الاولى 
يقول العلامة.. حتى يتمكن الانسان ان يتصدى للمرجعية يشترط فيه امور:
الاول: الاجتهاد وهو لغة مأخوذة من الجهد، بمعنى الطاقة والوسع، او من الجهد بمعنى المشقة.
وعرفا هو لا يستعمل الا فيما فيه يثقل وصعوبة فلا يقال: اجتهد في حمل ورقة او نواة.
وحمل ما فيه صعوبة مستلزم لبذل الوسع والطاقة، كما ان بذل الوسع والطاقة لا يكون الا بما فيه مشقة وعليه فإن الاجتهاد (عرفا) هو بذل الوسع والطاقة لأمر فيه مشقة.
ويراد من الاجتهاد كشرط في المرجع بذل الوسع والطاقة في امرين:
أ ـ استكشاف الحكم الشرعي من القرآن والاخبار الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام.
ب ـ تحديد الوظيفة العقلية والشرعية تجاه الحكم الشرعي المجهول الذي لا يمكن استكشافه.
ومن الطبيعي ان المجتهد كالعلماء في بقية العلوم والصناعات في البداية يكون عنده القدرة على الاجتهاد في باب دون باب وبعد الممارسة والمثابرة تحصل عنده القدرة على الاجتهاد في كل ابواب الفقه.
يقول العلامة السيد محمد محسن حسن ترحيني، والاجتهاد متوقف على عدة علوم هي: اللغة، والنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والمنطق، والتفسير، والحديث، وعلم الرجال، وعلم الاصول، وعلم الكلام، والعلم بمواقع الاجماع عند الفقهاء.
الثاني: الاعلمية، وهي رتبة عالية من الاجتهاد على خلاف في اشتراطها، والاقرب عدم الاشتراط.
الثالث: البلوغ، فالصبي لا يستقل بشؤون نفسه، فكيف يستقل بفهم حكم الحكم الشرعي من مصادره الاساسية.
الرابع: العقل، فالمجنون لا ميزان لفهمه، ولا ضابط لآرائه واقواله.
الخامس: الاسلام، والمراد منه الايمان بكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن جملة ما جاء به الولاية لأمير المؤمنين علي عليه السلام ولبنيه المعصومين عليهم السلام.
السادس: العدالة، وهي الالتزام القلبي على فعل الطاعات وترك المحرمات، وهو المسمى بالتدين.
السابع: ان لا يكون مقبلا على الدنيا، طالبا لها، مكبّا عليها، وهو المعبر عنه بالورع، لاشتراط رتبة عالية، من العدالة في المرجع.
الثامن: الحياة.
التاسع: الذكورة فلا تسند المرجعية للأنثى.
العاشر: طهارة المولد، فلا تسند المرجعية الى ابن زنا.
الحادي عشر: الحرية، فلا تسند المرجعية الى العبد.
 الجهة الثانية 
يتابع العلامة، يصير الانسان مرجعا اذا احرزت فيه الشروط المتقدمة، واصعب الشروط احرازا، الاجتهاد والاعلمية، فإحرازهما متوقف على شهادة اهل الخبرة، الذين هم مجتهدون، او قريبون من الاجتهاد، ومن الصعب اجتماع جماعة كثيرة على تشخيص، خصوصا في تقييم ملكة علمية عند شخص، لذلك تعددت المراجع تبعا لتعدد شهادات اهل الخبرة.
 الجهة الثالثة 
يقول العلامة السيد، يمارس المرجع صلاحيات، هي:
الاول: يحرم عليه تقليد الغير، بل يجب عليه اما الاخذ برأيه واما الاحتياط.
الثاني: وجوب رجوع الجاهل اليه في الاحكام الشرعية، اذا لم يسلك هذا الجاهل طريق الاحتياط، وهذا يستدعي على المراجع نشر فتواه باسم (الرسالة العملية).
الثالث: جواز ترافع المتخاصمين اليه ليفصل بينهما، وعلى فرض القضاء بينهما ينفذ حكمه، ولا يجوز نقضه لا من قبل المتخاصمين، ولا من قبل غيرهما، ولو كان الغير مجتهدا او مرجعا، ما لم يعلم خطأه في هذا القضاء.
الرابع: الولاية على الامور الحسبية، وهي الامور التي لا يرضى الله جلّ جلاله بتركها واهمالها، ولا بد من قيّم يشرف عليها، فينبغي على المرجع الاشراف عليها من باب احتساب للأجر عند الله، ولذا سميت بالامور الحسبية ومن جملتها: الولاية على اموال القصّر والغيّب والسفهاء والمجانين والولاية على الاوقاف والوصايا
الخامس: الولاية على سهم الامام عليه السلام، الذي هو نصف الخمس، ومن اهم موارد الخمس: ما يدفعه المسلم عما يربحه في السنة من فاضل مؤونته.
والولاية على سهم الامام، يقول السيد محمد حسن ترحيني في بحثه المقتضب، محل خلاف بين الفقهاء، وان قرب عدم الولاية للمرجع، وضابطة حرف هذا السهم كل مورد يقطع فيه برضا الامام المعصوم عليه السلام.

هذه من جهة ومن جهة اخرى فهذه الصلاحيات ترجع الى الانسان باعتبار كونه مجتهدا، لا باعتبار كونه مرجعا ولذا كان كل مجتهد جامعا للشرائط المتقدمة يمارس هذه الصلاحيات بحسب نفوذه، كما يمارسها المرجع، بالاضافة الى وجود وكلاء عامين وخاصين، تبعا لعموم او خصوص وكالتهم ـ للمرجع في جميع اقطار الارض، يمارسون عنه الصلاحيات الواردة في الامرين الرابع والخامس، وبه يتبين عمل المرجع الذي هو بحث الجهة الرابعة الواردة في اول الكلام، ومن جهة ثالثة فهناك ألفاظا يكثر التداول بها وهي: الفقيه، المفتي، القاضي وهي ألفاظ تدل على المجتهد والاختلاف بالاعتبار، فالمجتهد سمي فقيها باعتبار كونه عالما بالاحكام الشرعية والوظائف العملية من ادلتها التفصيلية، وقد ورد في الخبر (فأما من كان من الفقهاء، صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام ان يقلدوه) ـ وسائل الشيعة للحر العاملي ـ ج 18 ص 95.
يتابع العلامة، والمجتهد سمي مفتيا باعتبار اخباره عن الحكم الشرعي، والوظيفة العملية في مورد الجهل بالحكم وفي الخبر (من افتى الناس بغير علم ولا هدى من الله، لعنته ملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه) ـ وسائل الشيعة ج 18 ص 161.
والمجتهد سمي قاضيا باعتبار حكمه وقضائه لفصل التنازع بين المتخاصمين، وفي الخبر (ولكن انظروا الى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا، فاجعلوه بينكم، فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا اليه) ـ وسائل الشيعة ج 18 ص 4.
وبالاضافة الى إطلاق لفظ المرجع عليه باعتبار رجوع الغير اليه في التقليد، فضلا عن اطلاق لفظ المجتهد عليه، باعتبار بذل الوسع والطاقة في معرفة الحكم الشرعي او الوظيفة العملية في مورد الجهل بالحكم الشرعي.
 ولاية الفقيه 
ويختصر العلامة السيد محمد حسن ترحيني في هذا المورد فيقول: «ومن جهة رابعة، فولاية الفقيه هي الولاية في ادارة شؤون الامة الاسلامية، وفي حفظ الدين الاسلامي، وفي إقامة واستمرار نظام الحياة العامة للمسلمين، وهذه الولاية ثابتة للفقيه على قول مشهور في هذا العصر، ومن هذه الحيثية يسمى وليا للأمر وحاكما على المسلمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق