الجمعة، 29 يناير 2016

بين معركة بدر والنهضة الحسينيّة - السيد محمد حسن ترحيني

السيد ترحيني يحاضر  :
 بين معركة بدر والنهضة الحسينيّة
تواصل جمعية التعليم الديني الإسلامي إحياءها لذكرى عاشوراء في مجالس ونشاطات متنوعة في قاعة الجنان ، وقد تضمن المجلس الذي أقيم في السادس من محرم 1434هـ، الواحد والعشرون من تشرين الثاني 2012، البرنامج التالي:
قدّم للمجلس الأستاذ محمد مطر، الذي استهل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم تلاها المقرىء الأخ أنور مهدي، ثم كانت كلمة للعلّامة المحقق السيد محمد ترحيني تحت عنوان "بين معركة بدر والنهضة الحسينيّة"، أعقبها قراءة السيرة الحسينيّة من قبل خطيب المنبر الحسيني السيد أبو عاصم الموسوي.
  تناول السيد ترحيني هذا الموضوع باستهلال تحدّث فيه عن مفهوم الشهادة ، التي هي بذل للنفس بدافع الحبّ الإلهي، بحيث يكون الحبّ المذكور أكبر من حبه لنفسه، وهذا الفعل لا يقوم به إلّا الخلّص من النّاس، ممّن بلغوا مرتبة الإيثار الذي هو أعلى مراتب الجود، قال الله تعالى:  (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)   [الحشر: 9].
كما عرّف الإيثار بأنّه تقديم للغير على النفس، بما تملك النفس من أعيان وأفعال.
ثمّ بحث في خصائص الشهيد والشهادة وبيّن أنّ لفظ الشهيد هو من مختصّات الأدب القرآن واستشهد بالعديد من الآيات الشريفة والأحاديث، وأوضح أنّ الشهيد في سبيل الله هو من رأى صراعًا بين الحقّ والباطل، فناصر الحقّ.
  أما في الفرق بين معركة بدر ومعركة الطّف  فرأى أنّ معركة بدر هي فرقانيّة،  ولذا وصفها الله بيوم الفرقان ، أما الطّف فهي معركة استشهاديّة باعتبار أنّ الإصلاح إنّما هو متقوم بالفتح، بفتح العقول والقلوب حيث التلازم بينهما. كما كان هناك تلازم بين قدسيّة البيت مع قريش عند غزوة أبرهة الحبشي حيث إنهم رأوا طيرًا أبابيل ترميهم بحجارة من سجّيل تقضي على جيش أبرهة. وهو في الواقع كان نصرًا إلهيًّا للحفاظ على حرمة البيت إلّا أنّه وقع التلازم أنّ البيت المقدس مع أهليّة قريش. ولذا اعتبرت قريش أن النبي محمد صابئ أي مرتد عن دين قريش.
  ورأى أنّ صلح الحديبيّة الذي مهّد لفتح مكة، فكّ هذا التلازم وهو ما برز جليًّا بدخول النبي(ص) مكّة من دون أن ينزل عليه طيرًا أبابيل، لو كانت قريش هي الأهل لكان قد وقع عليه العذاب، فالأولى برعاية البيت إذًا هو النبي.
 وأشار إلى أنّ  الطّف وهو الفتح الحسيني الذي حصل "من لحق بي منكم استشهد  ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح"، هو فتح الاستشهاديين، وهو ما يؤكّده وصول خبر الاستشهاديين إليه كهاني ومسلم... قبل أن يدخل إلى واقصة وعلم أنّ المسالح وضعت على الطرق العامّة والطرق الخفيّة  قبل أن يلتقي بالحر. كما علم أنّ جيشه الكوفي قد تخاذل عنه وكان عليه أن يرجع من حيث أتى، ولكنّه أقدم لا يريد هذا النصر العسكري....
  كما أجرى مقارنة بين الجيشين وفي حقيقة المعركتين بدر والطّف، حيث رأى أنّ المقارنة تكون من ناحية أهميّة الشهيد الذي خاض المعركة في كل من بدر والطّف:
فبدر كانت أول معركة في الإسلام  في حين أنّ الطف هي أول معركة من أهل الكساء.
 على الرغم من أن تاريخ الاسلام مليء بالشهداء، رأى أنّه يبقى للإمام الحسين(ع) وأصحابه خصوصية، من خلال إبراز بعضها في المقارنة بين بذور الطف وبدر، وقد تم ذلك من خلال استعراضه لبعض الآيات التي تتحدث عن القتال، خلص إلى نتيجة أنّ المسلمين في بدر كانوا يطلبون إحدى الطائفتين العير أو النصر العسكري بينما كانت الطّف أعلى رتبة وأشد ثباتًا وأفضل عملًا ، لأنّ البدريين طلبوا القافلة وفي وجل باتوا ، وكان في مقابلهم ثلاثة لواحد، وكان عندهم الماء ، وكانوا يتخففون من العيال والأولاد الطفيون طلبوا الشهادة وكانوا كدبيب النحل، تشرق ألوانهم وتهدأ جوارحهم وتسكن نفوسهم،  وكانوا في المعادلة واحد لأكثر من عشرة، وكانوا عطاشى، وكان لديهم الأطفال والنساء والشيوخومع ذلك أذن للطفيين بالانصراف  ليلة العاشر فأبوا.
 وخلص إلى أنّ للطفيين الفضل مستدلًا على ذلك في ما ورد في الأخبار الكثيرة، "وهم من محمد وآل محمد، وهم خير أنصار وأصحاب وأوفاهم وهم من خيار أمّة النبّي الأعظم وتولى الله تعالى قبض أرواحهم وقدّم لهم بعد شهادتهم ماء الحياة،وغسلت أجسادهم الطاهرة بماء الحياة وصلّت عليهم الملائكة .. وهم من سادات الشهداء يوم القيامة وسيادة الشهادة للإمام الحسين(ع)، فهو الفيصل بين الحق والباطل، وسيبقى هذا الفتح الحسيني إلى يوم القيامة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق